بقلم المهندس/ طارق بدراوى
في أواخر عام 1929م إستهدفت جمعية المواساة الإسلامية الخيرية بالإسكندرية إنشاء مستشفي أهلي بالمدينة يخصص قسم كبير منه لمعالجة الفقراء مجانا وكان محمد فهمي عبد المجيد رئيس الجمعية قد نجح في إضافة نص إلي القانون الأساسي للجمعية يقضي بأن يكون من ضمن أغراضها معالجة المرضي وذلك علي غرار مستشفي الدمرداش بحي العباسية بالقاهرة والتي تبرع بإنشائها عبد الرحيم باشا الدمرداش وأسرته وتحقيقا لذلك أصدرت الجمعية العمومية للمواساة قرارا في إجتماعها المنعقد بتاريخ يوم 27 أكتوبر عام 1929م بإضافة هذا النص لقانون الجمعية ومن هنا كان إنشاء عمارة سميت عمارة المواساة من أجل الإستعانة بإيرادها في بناء مستشفي المواساة كما قامت الجمعية بالدعاية لهذا المشروع الخيرى من أجل تدبير المال اللازم له وقد صادفت جهود محمد فهمي عبد المجيد العديد من الصعاب والعقبات لشراء قطعة الأرض التي وقع عليها الإختيار في المنطقة الواقعة بين محطة الشاطبي وشارع أبي قير وتبلغ مساحتها 1850 متر مربع لبناء تلك المستشفي ونتيجة لذلك العقبات قامت الجمعية بشراء قطعة أرض أخرى تقع خلف القطعة التي تم إختيارها وتم بالفعل إنهاء شراء الأرض في يوم 25 من شهر أغسطس عام 1931م وكان محمد فهمي عبد المجيد رئيس الجمعية مصرا علي أن يكون بناء المستشفي علي أحدث النظم العالمية المعروفة في ذلك الوقت وأن يكون مثلا يحتذي به وتحقيقا لهذا الإصرار سافر ومعه سكرتير الجمعية وأحد أصدقائه الأوفياء وهو محمد سعيد جميعي الي ألمانيا للإطلاع علي أحدث المستشفيات بها وهو مستشفي مارتن لوثر ليكون نموذجا لمستشفي المواساة ولجمعه لثلاثة عناصر أساسية في تصميمه وهي المنفعة والبساطة والإقتصاد وتم إستدعاء المهندس الذي قام بتشييد مستشفي مارتن لوثر ببرلين وهو الهر إرنست كوب الذي حضر إلي الإسكندرية وعاين الأرض ووضع التصميمات الهندسية والرسومات التفصيلية الخاصة بالمستشفي .
content/uploads/2017/03/فاروق-المواساة.jpg” alt=”” width=”247″ height=”204″ class=”alignnone size-full wp-image-246868″ />
وفي يوم 22 من شهر نوفمبر عام 1931م بدات عملية إنشاء المستشفي والتي صادفها الكثير من الصعاب المالية اللازمة لتنفيذ هذا المشروع الضخم الأمر الذي دفع الجمعية إلي الحصول علي سلفة من بنك مصر لإستكمال إنشاء المستشفي وتم رهن العمارة التي تمتلكها الجمعية ضمانا لهذه السلفة والتي بلغت 30 الف جنيه مصري وقد عجزت الجمعية عن الوفاء بسداد القسط الأول للسلفة في شهر يونيو عام 1934م وبرغم محاولاتها الحصول علي مهلة في السداد فإن البنك أصر علي نزع ملكية العمارة التي تمتلكها جمعية المواساة وكان في تصرفه هذا مكرها علي هذا السلوك بسبب ضغوط القصر الملكي حيث كان الملك فؤاد الأول يرغب في إرساء مناقصة بناء المستشفي علي أحد أعوانه وقد رفض فهمي عبد المجيد الخضوع لتلك الرغبة بإعطاء مقاولة البناء لشخص معين وكانت أول ضربة وجهت للجمعية إمتناع الملك السابق فؤاد الأول عن حضور حفل وضع حجر الأساس للمستشفي وكانت الضربة الثانية الضغط علي بنك مصر بإستعمال منتهي القسوة والشدة في معاملته للجمعية ولحسن الحظ تمكنت الجمعية من الخروج من هذا المأزق بإصدار يانصيب علي العمارة وكانت هذه الوسيلة هي الأولي من نوعها في القطر المصري ونجح اليانصيب نجاحا منقطع النظير وأقبل الناس عليه وحقق للجمعية ربحا بلغ نحو60 ألف جنيه مصري ومن ثم تمكنت الجمعية من سداد جميع الديون التي عليها لبنك مصروأخيرا بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل همة وإقدام وايمان وشجاعة القائمين علي أمر جمعية المواساة نجحت جهود الجمعية في بناء المستشفي في نحو ثلاث سنوات وتم إفتتاحها رسميا في يوم 12 من شهر نوفمبر عام 1936م بعد وفاة الملك فؤاد الأول بعدة شهور بحضور الملك فاروق ملك مصر والسودان الذى خلف أباه .
<img src="https://www.3alamfree.com/wp-
وبداية من شهر سبتمبر عام 2010م تم ضم مستشفى المواساة إلى جامعة الإسكندرية وأصبحت تتبع مستشفيات الجامعة وبها يدرس طلبة كلية الطب العلوم الأساسية التي تدرس في السنوات الثلاث الأولى وفي عام 2014م تم الإنتهاء من تطوير وتجديد المستشفي بتكلفة قدرها 85 مليون جنيه حيث كانت المستشفى قد وصلت إلي حاله سيئة للغاية وكان المشاركة المجتمعية في هذه العملية دور كبير كما ساهمت مؤسسة آل سليمان بالتبرع للمستشفى بأكثر من 90% من تكلفتها بالإضافة إلى قيام المؤسسة المذكورة بإنشاء صندوق من المتبرع يحتوى على 10 ملايين جنيه يتم من خلاله علاج الحالات غير القادرة كما أن المستشفى تقدم خدماتها الطبية بمعرفة التأمين الصحى ونفقة الدولة وبذلك لا يتكلف المريض أية نفقات في علاجه وفي حقيقة الأمرفإن مستشفي المواساة تعدَُ صرحا طبيا كبيرا بمدينة الإسكندرية وهي تحتوى على عدد 70 سرير ما بين أجنحة ودرجة أولى ودرجة ثانية كما تحتوى على عدد 14 سرير عناية مركزة وعدد 6 أسرة عناية مركزة جراحية،بالإضافة لثلاث غرف عمليات منهم غرفة عاليه التقنية وتحتوى أيضًا على مناظير جراحية كما أن المستشفي تختص بالعمليات الجراجية ذات المهارات العالية وتشمل هذه العمليات زرع الأعضاء ووحدة غسيل الكلى والتي تحتوى على عدد 46 ماكينة غسيل ووحدة لزرع النخاع تحتوى على عدد 4 كبسولات ومعمل خلايا جزعية عالية التقنية ووحدة أشعة تشخيصية تداخلية وتحتوى على جهاز أشعه مقطعية 64 مقطعا ويشمل خاصية الأشعة التداخلية ودد 2 جهاز أشعة عادية رقميه وعدد 5 أجهزة موجات فوق صوتية وعدد 1 جهاز قسطرة للأشعة التداخلية عالى التقنية ووحدة جراحات وزراعة كبد ووحدة جراحة لتشوهات العمود الفقرى .